اشرف فتح الباب مدير المنتديات
المساهمات : 171 تاريخ التسجيل : 11/02/2013
| موضوع: سيرة بعض الصحابة والصالحين المستجابين الدعوة الإثنين فبراير 18, 2013 6:35 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله خالق الأرض والسماء وكاشف الغمة ودافع البلاء، وناصر المظلوم ومجيب الدعاء، وأصلي وأسلم على خير من أقلت الغبراء، ومن كانت له معجزة المعراج والإسراء، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم من أهل الخير والولاء.
سيرة بعض الصحابة والصالحين المستجابين الدعوة
دعوات ثلاث
عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم حتى ءاواهم المبيت إلى غار فدخلوه، فانحدرت صخرة من الجبل فسدّت عليهم الغار، فقالوا: إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله تعالى بصالح أعمالكم قال رجل منهم: اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران وكنت لا أغبقُ قبلهما أهلاً ولا مالاً، فنأى بي طلب الشجر يوماً، فلم أرح عليهما حتى ناما، فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين فكرهت أن أوقظهما وأن أغْبِقَ قبلهما أهلاً أو مالاً، فلبثت والقدح على يدي أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر، والصبية يتضاغون عند قدمي، فاستيقظا فشربا غبوقتهما، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرّج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة، فانفرجَت شيئًا لا يستطيعون الخروج منه.
قال الآخر:اللهم إنه كانت لي ابنة عم كانت أحبّ الناس إليّ وفي رواية: كنت أحبُّها كأشد ما يحب الرجال النساء، فأردتها على نفسها فامتنعت مني حتى ألمّت بها سَنة من السنين، فجائتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار، على أن تخلي بيني وبين نفسها ففعلت، حتى إذا قدرت عليها، وفي رواية: فلما قعدت بين رجليها، قالت: اتقِ الله ولا تفضّ الخاتم إلا بحق، فانصرفت عنها وهي أحبّ الناس إليّ وتركت الذهب الذي أعطيتها، اللهم إن كنت فعلتُ ذلك ابتغاء وجهك فأفرج عنا ما نحن فيه ، فانفرجت الصخرة، غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها.
وقال الثالث: اللهم استأجرت أُجراء، وأعطيتهم أجرة حتى كثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين، فقال: يا عبد الله أدّ لي أجري فقلت: كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق، فقال: يا عبد الله لا تستهزىء بي، فقلت: لا أستهزىء بك، فأخذه كله، فاستامه فلم يترك منه شيئًا، اللهم إن كنت فعلتُ ذلك ابتغاء وجهك فأفرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون" . متفق عليه
===================================
سعد بن أبي وقاص
كان مشهورًا بين الصحابة رضوان الله عليهم، وبين من جاء من التابعين والعلماء أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه كان مجاب الدعوة، وذلك ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له " اللهم سدّد رميته وأجِب دعوته" وفي مسند الإمام أحمد وجامع الترمذي والحاكم في مستدركه والهيثمي في " مجمع الزوائد" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال" اللهم استجب لسعد إذا دعاك" فكان الناس لا يتعرضون له خشية أن تصيبهم دعوته، وكان هناك من الناس من أصابته دعوته، منهم رجل يقال له أبو سعدة، وذلك عندما شكا أهل الكوفة سعداً إلى عمر بن الخطاب فقالوا إنه لا يحسن الصلاة، فبعث عمر رضي الله عنه رجالاً يسألون عنه بالكوفة، فكانوا لا يأتون مسجداً من مساجد الكوفة إلا قيل لهم فيه خير، حتى أتوا مسجداً لبني عبس، فقال رجل يقال له أبو سعدة: أما إذا نشدتمونا الله، فإنه كان لا يعدل في القضية، ولا يقسم بالسوية ولا يسير بالسريّة ، فقال سعد: اللهم إن كان كاذباً فأعْم بصره وأطل عمره وعرّضه للفتن، فقال عبد الملك فأنا رأيته بعد ذلك يتعرض للإماء في السكك، فإذا سئل: كيف أنت؟ يقول: كبير مفتون أصابتني دعوة سعد. وفي " سير أعلام النبلاء" عن ابن جدعان عن ابن المسيَّب أن رجلاً كان يسب علي بن أبي طالب وطلحة والزبير رضي الله عنهم، فجعل سعد ينهاه ويقول: لا تقع في إخواني، فأبى، فقام سعد فصلى ركعتين ودعا بكلمات، فجاء بُختِي ( أي جمل) يشق الناس فأخذه بالبلاط ووضعه بين صدره والبلاط حتى سحقه فمات قال ابن المسيّب: فأنا رأيت الناس يتبعون سعدًا يقولون هنيئاً لك يا أبا إسحق ، استجيبت دعوتك. وروى حاتم بن اسماعيل عن يحيى بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة عن جده أنه قال: دعا سعد بن أبي وقاص فقال: يا رب بنيَّ صغار، فأطِلْ في عمري حتى يبلغوا، فعاش بعدها عشرين سنة.
===================================
سعيد بن زيد
كان مجاب الدعوة فمن ذلك ما ورد عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن مروان أرسل إلى سعيد بن زيد أناساً يكلمونه في شأن أروى بنت أويس( وخاصمته في شيء) فقال: يروني أظلمها وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من ظلم شبراً من الأرض طوقه يوم القيامة من سبع أرضين". اللهم إن كانت كاذبة فلا تمتها حتى يعمى بصرها، وتجعل قبرها في بئرها. قال فوالله ما ماتت حتى ذهب بصرها، وخرجت تمشي في دارها ( وهي حذرة) فوقعت في بئرها وكانت قبرها.
وفي رواية أنها قالت ظلمني أرضي وغلبني حقي ( وكان جارها بالعقيق) فركب إليه عاصم بن عمر. فقال: أنا أظلم أروى حقها؟ فوالله لقد ألقيت لها ستمائة ذراع من أرضي من أجل حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" من أخذ من حق امرىء من المسلمين شيئاً بغير حق طوّقه يوم القيامة حتى سبع أرضين" قومي يا أروى فخذي الذي تزعمين أنه حقك. فقامت فتسحبت في حقه. فقال: اللهم إن كانت ظالمة فأعم بصرها، واقتلها في بئرها. فعميت ووقعت في بئرها فماتت.
===================================
عاصم بن ثابت
كانت هذيل حين قتل عاصم بن ثابت أرادوا رأسه ليبيعوه من سلافة بنت سعد وكانت نذرت حين أصيب ابناها يوم أحد لئن قدرت على رأس عاصم أن تشرب في قحف رأس عاصم الخمر. وكان عاصم قد وفى لله في حياته، فمنعه الله منهم بعد وفاته. فقد ورد عن بريدة بن سفيان الاسلمي: أن رسول الله بعث عاصماً بن ثابت وزيد بن الدثنة وحبيباً بن عدي ومرثداً بن أبي مرثد إلى بني لحيان بالرجيع، فقاتلوهم حتى أخذوا لأنفسهم أماناً إلا عاصم فإنه أبى وقال لا أقبل اليوم عهداً من مشرك ودعا عند ذلك فقال: اللهم إني أحمي لك اليوم دينك فاحم لحمي فجعل يقاتل وهو يقول:
ما عليّ وأنا جلد نابل = والقوس فيها وترعنابل إن لم أقاتلكم فأمي هابل= الموت حق والحياة باطل وكل ما حم الإله نازل = بالمرء والمرء إليه ءايل
فلما قتلوه كان في قليب لهم فقال بعضهم لبعض : هذا الذي ءالت فيه الكية( وهي سلافة) وكان عاصم قتل لها يوم أحد ثلاثة نفر من بني عبد الدار كلهن صاحب لواء قريش، فجعل يرمي وكان رامياً ويقول: خذها وأنا ابن الأقلح، فحلفت لئن قدرت على رأسه لتشربنّ في قحفه الخمر فأرادوا أن يحتزوا رأسه ليذهبوا به إليها فبعث الله عز وجل رجلاً من دَبِر فلم يستطيعوا أن يحتزوا رأسه.
وفي رواية فمنعه الدبر فلما حالوا بينهم وبينه قالوا دعوه حتى يمسي فيذهب عنه، ثم نأخذه فبعث الله الوادي فاحتمل عاصماً فانطلق به. فكان عمر بن الخطاب يقول حين بلغه أن الدبر منعه: حفظ الله العبد المؤمن.
===================================== العلاء بن الحضرمي
هو العلاء بن الحضرمي واسمه عبد الله بن عماد بن أكبر بن ربيعة بن مالك بن عويف الحضرمي ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم البحرين وكان مجاب الدعوة إذا أقسم على الله أبرّه ، أبوه كان قد سكن مكة وحالف حرب بن أمية والد أبي سفيان.
وكان للعلاء عدة أخوة منهم عمرو بن الحضرمي وهو أول قتيل من المشركين وماله أول مال خمس في المسلمين وبسببه كانت وقعة بدر.
استعمل النبي صلى الله عليه وسلم العلاء على البحرين وأقره سيدنا أبو بكر ثم سيدنا عمر. مات سنة أربع عشرة وقيل سنة إحدى وعشرين. وكان يقال إنه مجاب الدعوة، خاض البحر لما غزا "دارين" فدعا بثلاث دعوات فاستجاب الله له فيهن كلهن. يقول أحد جنوده: "سرنا معه فنزلنا منزلاً، وطلبنا الوضوء فلم نقدر عليه، فقام فصلى ركعتين، ثم دعا الله فقال: "اللهم يا عليم يا حكيم يا عليُّ يا عظيم، إنّا عبيدك وفي سبيلك نقاتل عدوّك، فاسقنا غيثـاً نشرب منه ونتوضأ من الأحداث، وإذا تركناه فلا تجعل لأحد فيه نصيباً غيرنا". قال: فما جاوزنا غير قليل، فإذا نحن بنهر من ماء سماء يتدفق فنزلنا فتروينا، وملأت أدواتي (أي وعائي) ثم تركتها فقلت: لأنظرن هل استجيب له؟ فسرنا ميلاً أو نحوه، فقلت لأصحابي: إني تركت أدواتي، فذهبت إلى ذلك المكان، فكأنما لم يكن فيه ماء قط فأخذت أدواتي فجئت بها. فلما أتينا دارين وبيننا وبينهم بحر دعا العلاء بن الحضرمي فقال: اللهم يا عليم يا حليم، يا عليُّ يا عظيم إنا عبيدك وفي سبيلك نقاتل عدوك فاجعل لنا سبيلاً إلى عدوك". ثم اقتحم البحر، فوالله ما ابتلّت سروجنا حتى خرجنا إليهم. قال: فلما رجعنا، اشتكى البطن فمات، فلم نجد ما نغسله به فكفّناه في ثيابه ودفناه. فلما سرنا غير بعيد عرفنا أنها أرض سباع فقال بعضنا لبعض: ارجعوا نستخرجه، فرجعنا فطلبناه فخفي علينا قبره، فلم نقدر عليه ولم نجده. فقال رجل من القوم: إني سمعته يدعو الله يقول: اللهم يا عليم يا حليم يا عليّ يا عظيم اخفِ جثتي ولا تطلع على عورتي أحداً، فرجعنا وتركناه.
رحم الله العلاء بن الحضرمي الصحابي الجليل وأكرم مثواه.. هذا فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده والله ذو الفضل العظيم .
====================================
أبو مسلم الخولاني
كان أبو مسلم الخولاني إذا انصرف إلى منزله من المسجد كبّر على باب منزله فتكبر امرأته فإذا كان في صحن داره كبّر فتجيبه امرأته فانصرف ذات ليلة فكبّر عند باب داره فلم يجبه أحد وكان إذا دخل بيته أخذت امرأته رداءه ونعليه، ثم أتته بطعامه، قال فدخل البيت فإذا البيت ليس فيه سراج وإذا امرأته جالسة في البيت منكسة تنكت بعود معها فقال لها ما لكِ؟ قالت أنت لك منزلة من معاوية وليس لنا خادم فلو سألتَه فأخدمنا وأعطاك فقال اللهم من أفسد عليّ امرأتي فأعم بصرها، قال وقد جاءتها امرأة قبل ذلك فقالت لها زوجك له منزلة من معاوية فلو قلت له يسأل معاوية يخدمه ويعطيه عشتم قال فبينما تلك المرأة جالسة في بيتها إذا أنكرت بصرها فقالت ما لسراجكم أطفئ قالوا لا فعرفت ذنبها فأقبلت إلى أبي مسلم تبكي وتسأله أن يدعو الله عزّ وجلّ أن يرد عليها بصرها قال فرحمها أبو مسلم فدعا الله لها فرد عليها بصرها.
وهو صاحب الكرامة المشهورة فقد ورد عن شرحبيل الخولاني قال بينا الأسودُ بن قيس بن ذي الحمار العنسي باليمن فأرسل إلى أبي مسلم فقال له: أتشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله؟ قال نعم قال فتشهد أني رسول الله؟ قال ما أسمع، قال فأمر بنار عظيمة فأججت وطُرح فيها أبو مسلم فلم تضرّه فقال له أهل مملكته إن تركت هذا في بلدك أفسدها عليك فأمره بالرحيل فقدِم المدينة وقد قُبضَ رسول الله صلى الله عليه وسلم واستُخلف أبو بكر فعقل راحلته على باب المسجد وقام إلى سارية من سواري المسجد يصلي إليها فبصر به عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأتاه فقال من أين الرجل؟ قال من اليمن قال فما فعل عدوّ الله بصاحبنا الذي حرقه فأتاه بالنار فلم تضره؟ قال ذاك عبدالله بن ثور قال نشدتك بالله أنت هو؟ قال اللهم نعم قال فقبّل ما بين عينيه ثم جاء به حتى أجلسه بينه وبين أبي بكر وقال الحمد لله الذي لم يمتني من الدنيا حتى أراني في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من فُعل به كما فُعل بإبراهيم خليل الرحمن.
وقد ورد أن الظبي كان يمرّ بأبي مسلم الخولاني فيقول له الصبيان ادعُ الله يحبسه علينا نأخذه بأيدينا فكان يدعو الله عزّ وجلّ فيحبسه حتى يأخذوه بأيديهم.
==================================== دعوة الصحابي المكروب
عن أنس رضي الله عنه قال: كان رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار يكنى أبا المعلق، وكان تاجراً يتجر بمال له ولغيره، وكان تقياً ورعاً خرج مرة فلقيه لص مقنع بسلاح، فقال له: ضع ما معك فإني قاتلك، قال: ما تريد إلا دمي، خذ المال، قال: أما المال فلي، ولست أريد إلا دمك، قال: أما إذا أبيتَ، فذرني أصلّي أربع ركعات، فكان من دعائه في ءاخر سجدة له قال: "يا ودود، يا ذا العرش المجيد، يا فعال لما يريد أسألك بعزّك الذي لا يُرام، وملكك الذي لا يضام، أن تكفيني شرّ هذا اللص، يا مغيثُ أغثني، يا مغيثُ أغثني، يا مغيثُ أغثني، دعا بها ثلاث مرات.
فإذا هو بفارس قد أقبل بيده حربة يضعها بين أذني فرسه، فلما رأى اللصَّ أقبل نحوَهُ طعنه وقتله، ثم أقبل إلى التاجر الصالح وقال: قم، قال: من أنت بأبي أنت وأمي؟ فقد أغاثني الله بك اليوم، قال: أنا ملَكٌ من أهل السماء الرابعة، دعوتَ بدعائك الأول فسمعت لأبواب السماء قعقعة، ثم دعوتَ بدعائك الثاني فسمعت لأهل السماء ضجة، ثم دعوتَ بدعائك الثالث فقيل لي: دعاء مكروب، فسألتُ اللهَ تعالى أن يوليني قتله فإذِنَ لي. (ويُحمَلُ استئذان الملكِ ربَّه بقتل هذا اللص قاطع الطريق على أنه كان من الكافرين).
ذكرها الحافظ ابن حجر في كتابه "الإصابة".
==================================== رجل استودعَ ولدَه في بطن أمه
هذه القصة حصلت في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، إذ يروى عن زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال: بينما عمر بن الخطاب يمرّ بين الناس، إذ مرَّ به رجل معه ابن له على عاتقه فقال عمر: ما رأيت أشبه بهذا من هذا. فقال الرجل: أما والله يا أمير المؤمنين لقد ولدتْهُ أمُّه وهي ميتة، فقال أمير المؤمنين عمر: ويحك، وكيف ذلك؟ قال: خرجت في غزوة كذا وكذا وتركتها حاملا فوضعت يدي على بطنها وقلت: أستودع الله ما في بطنكِ، فلما قدمتُ من سفري أُخبرتُ أن زوجتي ماتت، فبينما أنا ذات ليلة قاعد في البقيع إذ نظرتُ فإذا أنا بضوء يشبه السراج في المقابر، فقلتُ لبني عمي: ما هذا؟ قالوا: لا ندري، غير أننا نرى الضوء كل ليلة عند قبر فلانة، فإذا به قبر زوجتي، قال: فأخذت معي فأسا ثم انطلقت نحو القبر فإذا به مفتوح، وإذا الطفل في حجر أمه، فدنوتُ فناداني منادٍ: أيها المستودعُ ربَّه، خذ وديعتَك، فأخذت الطفل.
فعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله إذا استودِعَ شيئا حفظه".
=====================================
سعيد بن جبير
كان لسعيد بن جبير ديك إذا صاح قام سعيد إلى الصلاة، فلم يصح ليلة من الليالي فأصبح سعيد ولم يصلِّ، فشقَّ ذلك عليه فقال: ما له قطع الله صوته. فما سُمِع ذلك الديك يصيح بعدها، فقالت له أمه: أي بني لا تدعُ على شيء بعدها.
ولما أخذَ الحجاجُ سعيد بن جبير، قال سعيد: ما أراني إلا مقتولا. وسأخبركم أني كنت أنا وصاحبين لي دعونا حين وجدنا حلاوة الدعاء، ثم سألنا الله الشهادة فكلا صاحبي رزقها وأنا أنتظرها.
وقال الحجاج لسعيد: اختر يا سعيد أي قتلة تريد أن أقتلك قال: اختر لنفسك يا حجاج فوالله ما تقتلني قتلة إلا قتلك الله مثلها في الآخرة. قال: أفتريد أن أعفوَ عنكَ. قال: إن كان العفو فمن الله، وأما أنت فلا براءة لك ولا عذر. قال: اذهبوا به فاقتلوه، فلما خرج من الباب ضحك، فأُخبِرَ الحجاج بذلك فأمر برده. فقال: ما أضحكك. قال: عجبتُ من جرأتِك على الله، فأمر بالنطع فبسط. فقال: اقتلوه. قال سعيد: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين. قال: شدّوا به لغير القبلة، قال سعيد: فأينما تولوا فثم وجه الله. قال: كبوه لوجهه. قال سعيد: منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم مرة أخرى. قال الحجاج: اذبحوه. قال سعيد: أما أني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنَّ محمدا عبده ورسوله، خذها مني حتى تلقاني يوم القيامة.
ثم دعا سعيدٌ اللهَ فقال: اللهمَّ لا تسلطه على أحد يقتله بعدي، فذُبِح على النطع رحمه الله، وقيل إن الحجاج عاش بعده خمسة عشر يوما وقيل أيضا إن الحجاج لم يقتل بعده إلا رجلا واحدا، ووقع الأكلة في بطنه فدعا بالطبيب لينظر إليه، ثم دعا بلحم منتن. فعلَّقه في خيط ثم أرسله في حلقه فتركها ساعة ثم استخرجها وقد لزق به من الدم، فعلمَ أنه ليس بناجٍ، وقيل إنه كان ينادي بقية حياته مالي ولسعيد بن جبير، كلما أردت النوم أخذ برجلي.
وقيل إن سعيدا قال قبل قتله: اللهم لا تحل له دمي ولا تمهله من بعدي فلما قتله لم يزل دمه يجري حتى علا وفاض ودخل تحت سرير الحجاج فلما رأى ذلك هاله وأفزعه فبعث إلى صادوق المتطبب فسأله عن ذلك قال لأنك قتلته ولم يهله ففاض دمه ولم يجمد في جسده فلم يزل به ذلك الفزع حتى مُنِع النوم وجعل يقول مالي ولك يا سعيد بن جبير وكان في جملة مرضه كلما نام رءاه ءاخذا بمجامع ثوبه يقول يا عدوَّ الله فيمَ قتلتني فيستيقظ مذعورا ويقول مالي ولابن جبير، وقُتلَ ابن جبير وله تسع وأربعون سنة وقبره بواسط يُتبرَّكُ به
تم /
|
|