اشرف فتح الباب مدير المنتديات
المساهمات : 171 تاريخ التسجيل : 11/02/2013
| موضوع: الطريقة والاستقامة الأربعاء فبراير 13, 2013 10:29 pm | |
| الطريقة والاستقامة الاستقامة في اللغة هي الاعتدال ، يقال : استقام الإنسان ، أي اعتدل في سلوكه وكانت أخلاقه فاضلة ( ) . والاستقامة بالمعنى الشرعي هي تحقيق الموازنة بين الإيمان والعمل ، فعَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ قَالَ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْ لِي فِي الْإِسْلَامِ قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا غَيْرَكَ بَعْدَكَ ، قَالَ : قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ ( ). فهذا الحديث - كما يقول علماء الحديث - من جوامع الكلم ، اذ جمع فيه النبي الإسلام كله بكلمتين .. ( قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ ) - العقيدة – ( ثُمَّ اسْتَقِمْ ) - العمل - . ( آمَنْتُ بِاللَّهِ ) ، المنطلق النظري ، ( ثُمَّ اسْتَقِمْ ) ، التطبيق العملي . ( قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ ) الفكر، ( ثُمَّ اسْتَقِمْ ) في السلوك ، فالإسلام اعتقادٌ وعمل ، منطلقٌ نظري وتطبيقٌ عملي ، فهمٌ وسلوك . وهو تصديق لقوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ( ). ولكن هل الإيمان قول ؟ جاء عن رسول الله انه من قال لا إله إلا الله بحقها دخل الجنة . قيل : يا رسول الله وما حقها ؟ قال : أن تحجزه عن محارم الله ( ). فإذا قلت : لا إله إلا الله مخلصا ، وإخلاصها هو أن تحجزك عن محارم الله ، أي ان تأتمر بالمعروف وتنتهي عن المنكر ، فقد آمنت واستقمت . ان كل ما في الإسلام من سعادة ، كل ما في الإسلام من طمأنينة، كل ما في الإسلام من توازن ، كل ما في الإسلام من اعتدال ، كل ما في الإسلام من ثقة، لا تقطفها إلا بهاتين الكلمتين قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ . فلو حصل خلل في العمل فهذا يعني ان هناك ، ولو أن هناك خللٌ في العقيدة لا بد ان يتبعه خللٌ في العمل ، هذا الترابط الدقيق بين ما تعتقد ، وما تفعل ، بين المنطلق النظري والتطبيق العملي ، بين الاعتقاد وبين العمل ، بين ما يستقر في قلبك وبين ما تفعله في يديك ، هو القاعدة الرابطة بين الإيمان والعمل والصالح . الاستقامة اذا هي تطبيق أركان الدين الإسلامي تطبيقاً كاملاً ، الاستقامة أن تقوم على الأمر والنهي ، ولا تروغ عنه روغان الثعلب كما قال سيدنا عمر ( )، وعلى العكس من ذلك تماما فالاستقامة هي الخط المستقيم كما رسمها رسول الله حين « خط خطاً ، وخط عن جنبتي ذلك الخط خطوطاً ، فكان ذلك الخط شرعه ومنهاجه الذي بعث به . وقيل له : قل لأمتك تسلك عليه ولا تعدل عنه ، وكانت تلك الخطوط شرائع الأنبياء التي تقدمته والنواميس الحكيمة الموضوعة ، ثم وضع يده على الخط ، وتلا : وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيما ( ) فأضافه إليه ولم يقل صراط الله ... هذا معنى الاستقامة المتعلقة بالنجاة »( ) . يلاحظ من هذا النص كيف أن الاستقامة هي السير على الصراط المحمدي للوصول إلى النجاة بالنفس في الدنيا الآخرة ، وهذا الصراط امرنا الله تعالى ان نسأله اياه في كل صلاة نؤديها وذلك بتلاوتنا اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ( ) من فاتحة الكتاب ، فما هو الصراط ؟ روى عن الضحاك ( ) ، عن عبد الله بن عبـاس ( رضي الله عنهما ) قال : قال جبريـل لمحمد : « قل يا محمد اهدنا الصراط المستقيم » ، أي : ألهمنا الطريق الهادي( ). فهو الطريق الهادي إلى دين الله ، كما رواه ابن عباس ( رضي الله عنهما ) ، وبه قال مجاهد ( ). ان الترابط والتلازم بين الصراط وهو الطريق وبين الاستقامة ، يفسر لنا قوله تعالى : وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا ( ) أي لو ساروا على الطريقة المستقيمة التي خطها رسول الله لنفسه وأمته ، لوصلوا إلى مراتب القرب التي توصل لها تلك الطريق . روي عن رسول الله < انه قال : فيضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون أول من يجوز من الرسل بأمته ( ) فالصراط هو قنطرة على النار يعبر عليها الناس يوم الحساب ، وهو عند الشيخ عبد الخالق الشبراوى نتيجة لازمة لمقدمة سابقة ، فالصراط المستقيم عنده موجود في الدنيا ومن لم يستطع العبور عليه هنا لا يستطيع العبور عليه هناك .. كيف ؟ لما كانت الطريقة عند الشيخ عبد الخالق الشبراوى هي التطبيق الحرفي والروحي للشريعة الإسلامية بجميع أركانها وفروعها ، فهي عنده تمنع المريد من الحرام وتربي نفسه على النفور منه ، بل ومن مجرد التفكير فيه ، ولا تقف عند هذا الحد بل تربيه على الابتعاد عن الشبهات التي يشك بها او يرتاب فيها فتنمي عنده مشاعر الورع ، وتقوي عنده خاصية التقوى ، فاذا التزم المريد بمنهج الطريقة فانه سيكون ابعد الناس عن المحرمات والشبهات ، وبالتالي ابعد الناس عن الوقوع من الصراط في النار يوم القيامة ، ولهذا يؤكد الشيخ عبد الخالق الشبراوى على ان كل حرام في الدنيا هو في حقيقته نار في الآخرة ، مستشهدا بقوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ( ) أي من يظلم في الدنيا يجازى بالنار في الآخرة ، والسير على منهج الطريقة بالنسبة للمريد في الدنيا يماثل السير على الصراط في الآخرة ، وكلما التزم واستقام ، كلما كان عبوره على الصراط أسهل وأسرع في الدنيا قبل الآخرة . فالطريقة عند الشيخ عبد الخالق الشبراوى : هي الصراط المستقيم الذي يعبر عليه المريد في الحياة الدنيا فلا تمسه النار يوم الحساب ، لكونها وكما جاء تعريفها في كتاب الطريقة .الشبراوية طريق القرآن الكريم ، ونهج الرسول الأعظم وأهل بيته الأطهار وصحابته الكرام ، أي الطريق المستقيم الذي ذكره الله تعالى في أول سورة في القرآن فقال سبحانه : اهْدِنا الصِّراطَ الْمُسْتَقيمَ . صِراطَ الَّذينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ( ) ، أي : طريق الحق والهداية ، طريق الله الذي نعم وفاز في الدنيا والآخرة من استقا م عليه ( ). |
|