اشرف فتح الباب مدير المنتديات
المساهمات : 171 تاريخ التسجيل : 11/02/2013
| موضوع: رد الشبهات : الأربعاء فبراير 13, 2013 12:40 pm | |
| رد الشبهات : احتج المنكرون لزيارة مقامات الأنبياء والأولياء وشاهدهم بآيات قرآنية و أَحاديث نبوية بنوا فهمهم الخاطىء على معناها ، وأخذوا بظاهر اللفظ من غير أن ينظروا إلى مقاصد الشارع الحكيم فيها ، وما يعارض فهمهم السقيم للآيات المحكمات وللسنة النبوية المطهرة . ومنها : • احتجاجهم بقوله تعالى : إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرينَ ( ) . حيث ذهبوا إلى القول بأن الأموات لايسمعون وبهذا فلا معنى لزيارتهم أو تعظيم مشاهدهم . ونقول : إن هذا الكلام مردود ، فليس المراد بهذه الآية وغيرها نفي الإدراك عن الأرواح ونفي السماع البرزخي ، لأَن ذلك المعنى مخالف لكل نصوص السنة النبوية المطهرة في هذا الشأن والتي منها قوله لأهل القليب : هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً ، فقال عمر : أتكلم الموتى يا رسول الله ؟ فقال : والذي نفسي بيده ما أنت بأسمع منهم لما أقول غير أنهم لا يستطيعون أن يردوا على شيء ( ) . وقال : إن الميت ليسمع قرع نعالهم إذا انصرفوا ( )، وعلى هذا يتوجب فهم الآية الكريمة على غير المعنى الذي ذهب إليه المغرضون وهو أن الإنسان الذي أصرَّ على الكفر لايتأثر بالمواعظ والإرشادات التي تأتيه من الرسول ، فهو كالميت المتجمد المشرف على التمزق والبلى. • احتجاجهم بحديث : لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد ( ) . حيث زعم المنكرون أنه يدل على منع الزيارة لمقامات ومشاهد الصالحين ، نقول : والحق إنَّ هذا الحديث عند أهله من العلماء لا يدل على ما ذهبوا إليه إطلاقاً لا من بعيد ولا من قريب ، فالمعروف أنَّ الإثبات بعد النفي قصر وحصر يفيد التوكيد وإثارة الاهتمام ولا ينفي بالضرورة كل الأجناس المغايرة ، فمعنى الحديث : إن أولى ما تُشد إليه الرحال من المساجد وأفضلها هو شد الرحال إلى هذه المساجد الثلاثة ، ولا ينفي ذلك شد الرحال لغيرها . ومما يدلك على ذلك أن حضرة الرسول الأعظم قد شد الرحال لمسجد قباء ولزيارة مقبرة الشهداء في البقيع . وقد روي أن عمر بن الخطاب قال لكعب الأحبار بعد فتح الشام : يا كعب : ألا تريد أن تأتي معنا إلى المدينة فتـزور سيد المرسلين ؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين أنا أفعل ذلك ، ولقد تقدمت قصة الصحابي الجليل بلال الحبشي وشده الرحال من الشام إلى المدينة لزيارة المصطفـى إثر رؤيا رآها . وممن قال بهذا المعنى وأكدْه من أكابر علماء الأمة : قال الإمام أبو حامد الغزالي ( رحمه الله ) راداً على من يستدل بهذا الحديث على منع الزيارة ما نصه : « ما تبين لي أن الأمر كذلك ، بل الزيارة مأمور بها لقوله : كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تذكركم الآخرة ( ) ، والحديث إنما ورد في المساجد وليس معناه المشاهد ، لأن المساجد بعد المساجد الثلاثة متماثلة فلا بلدة إلاّ وفيها مسجد ، فلا معنى للرحلة إلى مسجد آخر ، وأما المشاهد فلا تتساوى ، فإن بركة زيارتها على قدر درجاتهم عند الله »( ) . قال ابن حجر الهيتمي في معنى هذا الحديث : لا ينبغي للمطي أن تشد رحالها إلى مسجد ينبغي الصلاة فيه غير المسجد الحرام ومسجدي والمسجد الأقصى( )، ومعنى هذا إن الحديث متعلق بالمساجد وليس المشاهد و المقامات . وقال الشيخ أحمد زيني دحلان ( رحمه الله) ما يلي : « معناه لا تشد الرحال إلى مسجد لأجل تعظيمه والصلاة فيه إلاّ إلى المساجد الثلاثة فإنها تشد الرحال إليها لتعظيمها والصلاة فيها ولو لم يكن كذلك لأقتضى منع شد الرحال للحج والجهاد والهجرة من دار الكفر ولطلب العلم وتجارة الدنيـا وغـير ذلك ولا يقول بذلك أحد »( ) . فمن نور الله بصيرته يكتفي بأقل من هذا ، ومن طمس الله بصيرته فما تغني فيه الآيات والنذر . واحتجوا أيضاً بحديث : لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ( ) . والمقصود من المساجد هنا هي مواضع السجود أي ( وضع الرأس عليها ) لعبادتها وجعلها قبلة لهم يتوجهون لها أينما كانت جهتها ، قال تعالى : واتَّخِذوا مِنْ مَقامِ إِبْراهيمَ مُصَلّىً ( ) ، ومقام إبراهيم هو الموضع الذي فيه أثر قدمه الشريف على الحجر ، فأمر الله تعالى باتخاذها مقاماً ومصلّى . كما أنه لم يرد أي دليل على تحريم الصلاة في المسجد الذي فيه قبر ، وسواء بني المسجد بعد وجود القبر أم وجد القبر بعد بناء المسجد ولو قلنا بالبطلان – كما يزعم بعضهم – للزم بطلان جميع من صلّى في المسجد النبوي الشريف من لدن عصر عمر بن عبد العزيز إلى وقتنا هذا … وقد صلّى فيه كبار المحدثين والعلماء والصالحين ولم ينكر أحدٌ منهم ذلك . قال تعالى : قالَ الَّذينَ غَلَبوا عَلى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً ( ) ، فمنهم أتباع لأهل الكهف أرتأوا أن يبنوا عليهم مسجدا يعبدون الله فيه ويستبقون آثارهم بسبب ذلك المسجد . قال البيضاوي في تفسير هذا الحديث ما نصه : « لما كانت اليهود والنصارى يسجدون لقبور الأنبياء تعظيماً لشأنهم ويجعلونها قبلة يتوجهون في الصلاة نحوها واتخذوها أوثاناً ، لعنهم الله ومنعهم ذلك . وأما من أتخذ مسجداً في جوار الصالح وقصد التبرك بالقرب منه … فلا يدخل في ذلك الوعيد ، لأن زيارة الصالحين تنفع وتدعو إلى طاعة الله »( ) . • واحتج المنكرون للزيارة أيضاً بما يأتي : - 1 – إعتقادهم بمنعها ، للمحافظة على التوحيد وأنَّ الزيارة تؤدي إلى الشرك . وهذا اعتقاد فاسد ، فالزيارة إذا أديت مع المحافظة على آداب الشريعة لا تؤدي إلى محذور أبداً . 2- ومن قال بمنعها دِرْء اً للمفاسد بسبب اختلاط النساء بالرجال في الزيارة . وهذا متقوّل على الله ورسوله ، فليس هناك ذريعة حقيقية عند عموم المسلمين يستدعي سدها إلا حاجة في نفوسهم أظهرها الله تعالى ، فهل نترك حقا من أجل باطل ؟ بل يجب أن ننكر ما نكر منها ، كما قال الحسن البصري لابن سيرين عندما أراد أن يترك جنازة لوجود لغط فيها : لو كلما رأينا بدعة تركنا سنة لتركنا سنناً كثيرة . 3- وإن كان المنكر يعتقد ، خطأ تعظيم الرسول الأعظم ، فإن الله تعالى عظم نبيه بأعلى أنواع التعظيم ، فالواجب علينا أن نعظم من عظمه الله تعالى ، لأن ذلك من أعظم الطاعات والقربات .
|
|